هل تعلم ان اسرائيل ليس لها دستور رسمي مكتوب ؟ ولكن هناك مجموعة من القوانين الاساسية التي تستخدم كادوات قضائية بديلة عنه ولعل السبب الرئيسي في عدم وجوده هو اصرار المتشددين اليهود دوما علي فرض وجهة نظرهم في كل مرة يتكرر الحديث عن كتابة هذا الدستور .. ولقد فطن المؤسسون الاوائل لذلك وكان عدد كبير منهم من المؤسسين للحركة الصهيونية ولم يكن اغلبهم من المتدينين بل كانوا جزءا من الاشتراكية الدولية ولم يكن في بالهم عندئذ اقامة دولة دينية ولكن ايجاد ملاذ لليهود بالعالم في شكل دولة عصرية
وبدا هذا الصراع عند كتابة اهم وثيقة اسرائيلية وهي اعلان الدولة عام 1948 ولم تحذف التعبيرات الدينية من المسودة الا بعد تدخل بن جوريون .. واستمرت المحاولات لكتابة دستور الدولة واستمر الاستقطاب بالمجتمع فالقوي المدنية تريد دستورا يشبه دساتير الدول الغربية الديموقراطية اما المتدينون فكان لهم دوما موقفين : الاول يوافق علي كتابة دستور بشرط الايخالف شرع الله . والثاني يرفض اي دستور من صنع البشر طالما ان لديهم التوراة والتي تعتبر دستورا الهيا متاحا
وعلي غرار ماحدث بعد ثورة 25 يناير بمصر وما يحدث غالبا بعد التحولات الكبري بالمجتمعات ان يتنامي ويعلو الصوت الديني وتركب الاحزاب والحركات الدينية الموجة . حدث نفس الشئ باسرائيل بعد حرب 1967 حيث غيرت الصورة السياسية في اسرائيل فكانت فرصة تلك التيارت الدينية كبيرة حيث زعمت ان الانتصار الاسرائيلي علي ثلاثة دول عربية كان مدعوما من الرب وان الحلم بدولة اليهود الكبري بدا يتحقق ولابد من احلال قوانين الشريعة التوراتية محل القوانين الوضعية ولم يتورعوا في مرات كثيرة علي استخدام العنف لاثبات وجودهم والذي ظهرت ذروته عند اغتيالهم اسحق رابين في 4 نوفمبر 1995 كما فعل المتطرفون نفس الشئ مع السادات
وكانت اهم الادوات التي استخدمتها القوي المدنية في تحجيم تلك القوي الاصولية - والحد من وصايتها علي المجتمع كله وعمل فصل بين السياسة واستخدام ادوات دينية في الصراع السياسي - ان اتجهت للتكتل والاندماج والذي لم يكن صعبا علي عكس الحركات الدينية التي تختلف في رؤيتها ومدي تشددها والتي تنقسم لثلاثة تيارات اساسية فمنها الصهيوني المتعصب كحزب المفدال القومي ومنها الديني التقليدي كحزب شاس ومنها الاخر السلفي المتشدد (الحريديم) والمطالب بتطبيق الشريعة كحركة اهودات اسرائيل
وتشكلت في اسرائيل قوتان مدنيتان يحكمان ويتبادلان السلطة من فترة طويلة اولهما حزب الليكود وهو نتيجة اندماج احزاب وحركات اليمين والوسط والقوة الاخري هي حزب العمل وهوحصيلة سلسلة من الاندماجات في المعسكر اليساري العمالي والنقابي ومؤخرا لم يعد بمقدور اي منهما ان يحكم بمفرده دون الائتلاف مع احزاب صغيرة ومنها طبعا الاحزاب الدينية والتي لم تستطع ان تحقق باي انتخابات نسبة اعلي من 15 % من نسبة اجمالي مقاعد الكنيست والتي تبلغ 120 مقعد . ولكن هذا الائتلاف له دوما ثمن ومقابل تمثل في ابتزاز وحصول علي امتيازات وتمويلات لانشطتهم الدينية السياسية
وهذا الصعود المتنامي للتيارات الدينية هو ما جعل القوي المدنية يتخلون عن فكرة كتابة الدستور تجنبا للصراع والمزايدات الدينية بالشارع .. وكذلك اصبحوا اكثر ايمانا بان الاندماج وتوحيد الصف هو السبيل الوحيد للمحافظة علي مدنية دولة اسرائيل وابعاد رجال الدين عن السياسة .. ورغم تلك الديموقراطية تظل اسرائيل دولة عنصرية واقصائية ومحتلة لاراضي الغير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق