نهوض مصر..

المرء ليس محاسبا على ما يقول فقط ، بل هو محاسب على ما لم يقله إذا كان لابد من أن يقوله !







10.11.12

جمعة تطبيق الشريعة

كنت اعتقد ان الجدل بخصوص المادة الثانية  قد حُسم بعد التوافق عليها من : القوي المدنية والازهر والاخوان وغالبية السلفين وخرجت كما هي بمسودة الدستور  ولكنني اجدني مضطر للكتابة عنها مرة اخري !!  فالمادة الثانية من المقومات الاساسية للدولة بالدستور القديم ومسودة الدستور الجديد تنص علي ان : الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
 
ولكن مظاهرة جمعة تطبيق الشريعة خرجت تطالب بان تكون احكام الشريعة هي مصدر التشريع ورفضت المادة بوضعها الحالي - ومن هنا انقسم المجتمع لنصفيين الاول مع مبادئ الشريعة والاخر مع احكام الشريعة ولذلك توجب علينا ان نعرف الفارق بينهما
 
اولا : مبادئ الشريعة  هي المقاصد العامة اي الغايات والمصالح التي اتت الشريعة لتحقيقها في دنيا الناس كالحفاظ عي النفس والمال والعرض والنسل والدين والعقل وهي امور لا تتحقق الا بمراعاة التيسيير والسماحة وتحقيق المصلحة العامة والتعايش السلمي وهي قيم مجتمعية نسميها اليوم القيم المدنية وهي التي ترسخت في الضمير الانساني العالمي بناء علي تجربته التاريخية علميا ودينيا وهي لاتتعارض مع الشريعة بل اقرتها جميعا . والتزم بها المشرعون في كل دساتير العالم  وقد اكدت المحكمة الدستورية العليا في تفسيرها لمصطلح مبادئ الشريعة بانها الاحكام قطعية الثبوت قطعية الدلالة . وعددها حوالي عشرة مبادئ اهمها : لا ضرر ولا ضرار - ودفع المضرة مقدم علي طلب المنفعة - ولا اكراه في الدين .. وغيرها ولا يوجد قانون مصري واحد حاليا يتعارض مع مبادئ الشريعة
 
وثانيا : احكام الشريعة هي التفصيلات المتعلقة بالحلال والحرام وطبعا الواجب والمندوب والمكروه والمباح وتشمل كل شئ مثل العبادة والاقتصاد واحكام الاسرة والزنا والحج والربا والسرقة وطريقة تطبيق الحدود بها
ولكن هذه الاحكام كثيرة ومتشعبة . وفي كل مسالة ستجد عشرات من الفتاوي الفقهية المختلفة والمتعارضة احيانا . علاوة علي انها تتغير بتغير الزمان والمكان اي تتغير حسب شكل المجتمع وظروفه وتركيبته .  ولا ننسي كذلك اختلاف تصور كل مذهب من المذاهب لكل حكم من تلك الاحكام    
 
وبناء عليه وحسب هذا الواقع المعقد سندخل في اشكالية كبيرة جدا فمن الذي لديه التصور الصحيح والمقبول من الجميع والذي يناسب ظروفنا وقابل للتطبيق الان ؟ ان دخولنا هذا المنحني وبهذا التشويش سيؤدي حتما لعدم كتابة دستور اصلا  او علي الاقل عرقلة كل التشريعات القادمة ؟ وهل ظروفنا الحالية تتحمل صراعا من هذا النوع الان ؟  
اعتقد انه من الواجب علي اصحاب هذا التوجه ان يتفقوا اولا فيما بينهم علي نصوص هذه الاحكام  داخل تصور واضح وشامل قبل المزايدة علينا وكاننا لسنا مسلمين في بلد اسلامي لا تتعارض اي من قوانينه مع الشريعة في شئ ؟  ولماذا وقبل المطالبة بتطبيق احكام الشريعة ان نطالب جميعا بتفعيل الشروط الدنيوية الواجب توافرها لتطبيق احكام الشريعة  كالقضاء علي الفقر والجهل والفساد والمرض ؟  بدلا من ان يفرض اي منا وجهة نظره قسريا علي المجتمع  دون رغبته ودون تهيئته !! ولماذا لا نسعي معا جديا وفورا لتحقق الاهداف التي خرجت من اجلها الثورة اولا وهي : عيش . حرية . عدالة اجتماعية . كرامة انسانية