لا شك ان ما نحتاج اليه حاليا هو حوار مجتمعي حقيقي يشارك فيه كل التيارات الوطنية من اجل الوصول لقناعة جمعية وصيغة توافقية تتحدد من خلالها الهوية الوطنية
وفي هذه المرحلة الانتقالية ظهر علي السطح احداث متسارعة ونقاش حاد بسبب و حول التداخل الصارخ بين العمل الديني الدعوي والعمل السياسي العام حيث تطمح الجماعات الدينية بكافة اطيافها في لعب دور سياسي وطني وهو بلا شك حق للجميع وذلك لصالح المجتمع كله و لحماية الديموقراطية دون تهميش او اقصاء لاي فئة كانت وذلك في اطار قواعد واضحة ومقبولة وبالتالي يحترمها ويتبناها الجميع واولها الاصرار علي اقامة الدولة الديموقراطية المدنية . و وصل الجدل و اللبس حول مفاهيم الدولة المدنية والدولة العلمانية وانقسم الناس وتبني كل قطاع وجهة نظر واخذ في الدفاع عنها باستماته وهذا ليس بالشيء السيء بل هي ارهاصات ستؤدي في النهاية لصياغة الهوية المسقبلية المنشودة وهي دولة مصر الديموقراطية المدنية
فالدولة كنظام سياسي و ببساطة اما ان تكون ديموقراطية او غير ديموقراطية اي مستبدة سلطوية تتبني الديموقراطية شكلا لا مضمونا ومنها الدول الشمولية حيث حكم الحزب الواحد والفرد الواحد . ومنها الدول العائلية حيث العائلة تملك وتحكم وتتوارث كلاهما الملك والحكم . وهناك الدولة المدنية وعكسها الدولة الدينية والدولة العسكرية وفي الاولي يحكم رجال الدين كدولة الكاردينالات في الفاتيكان وهم ممثلو العناية الالهية ويشبهها لحد ما دولة ايات الله في ايران وعكس الدولة المدنية ايضا الدولة العسكرية والتي يصل فيها العسكر للحكم بالانقلابات العسكرية
اما الدولة المدنية هي التي يحكمها المدنيون من خلال دستور واضح وثابت مكتوب او غير مكتوب ولكنها ترتكز علي مبدا حق المواطنة الذي يضمن عدم التمييز بين المواطنين باي صورة من الصور لانهم متساون في الحقوق والواجبات
وما ننشده لمصرنا تلك الدولة المدنية بشرط ان تكون ديموقراطية في الاساس ترتكز علي الانتخاب السري المباشر في كافة نواحي الحياة السياسية وتلتزم بالمباديء الواردة بالمواثيق الدولية وحقوق الانسان وحرية التعبير وتقوم علي الفصل التام بين مؤسساتها السيادية التنفيذية والتشريعية والقضائية والدينية والعسكرية
وهناك دول ديموقراطية ولكنها شبه مدنية كاسرائيل مثلا حيث يوجد بها تدخل قوي للمؤسسة العسكرية وللاحزاب والقوي الدينية في شئون الحياة والسياسة وقد كانت تشبهها كثيرا تركيا حتي عام 2002
اما الدولة العلمانية فهي دولة مدنية وقد تكون ديموقراطية او غير ديموقراطية وهي تتبني الفصل التام بين الدين والحياة العامة حتي في ابسط الامور وهو ما يطلق عليه المغالاة في المدنية وكانت بدايتها التاريخية عند وجود الدولة الدينية في اوروبا في القرن الثامن عشر حيث بدا تمرد الناس علي الكنيسة حيث كان اغلبها دول دينية وهو ما لم نعرفه في تاريخنا الاسلامي ولم نسمع عن الدولة الدينية الا بعد نجاح الثورة الاسلامية الايرانية وان لم تكن دولة دينية تماما بالشكل الاوروبي القديم
ويذكر ان قليل من الدول الذي ينص دستورها علي انها دول علمانية ومنها الولايات المتحدة الامريكية وكندا وفرنسا والاخيرة هي اصرخ مثال علماني و قد عرضها للنقد الدولي اكثر من مرة كما حدث مؤخرا بعد صدور قانون منع الرموز الدينية ومنع النقاب . وكذلك تتفاوت درجة العلمانية من دولة لاخري حتي وان لم يذكر دستورها ذلك باعتبارها صورة من الدولة المدنية كاغلب دول الغرب . وهناك دول لظروف تركيبتها الطائفية المعقدة اختارت العلمانية منهجا كالهند ولبنان ومنها من اختار العلمانية لاسباب ايدولوجية وسياسية كتركيا التي اعلنت العلمانية ابان حكم كمال اتاتورك عام 1924 رغم ان دستورها ينص علي ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة
وللحديث بقية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق