خلصنا في التدوينة السابقة الي اننا يجب ان نضع نصب اعيننا اولا الكليات العامة واولها - اقامة الدولة الديموقراطية المدنية - دون ان نغرق في المشكلات الجانبية او ننجر لنقاشات عقيمة او صراعات طائفية او عنصرية وذلك من خلال حوار مجتمعي حقيقي وبشيء من الصبر وسعة الصدر . وكذلك توصلنا الي ان الدولة العلمانية تعني المغالاة في المدنية والتي لا تناسب مجتمعنا المتدين بطبعه حيث توجد للقيم الدينية هيمنة كبري علي الحياة العامة بصورة لا يمكن اغفالها . كذلك سيكون من الخطا محاولة تحقيق كل طموحاتنا دفعة واحدة وهو ما سيكلفنا ضياع كثير من الوقت والوقوع في خلافات جانبية و كان منها علي سبيل المثال نسبة ال 50 % للعمال والفلاحين بمجلس الشعب او المادة الثانية من الدستور وكان لهذه الاخيرة زوبعة كبيرة عند اثارتها فهناك من هدد بالتصعيد ان مسها احد او شرع في الغائها - وهناك من طالب بحل وسط يتمثل في تعديلها من خلال حذف الالف واللام لتصبح مصدر رئيسي للتشريع بدلا من المصدر الرئيسي للتشريع - والبعض الاخر اصر علي بقائها باعتبار انها لا تتعارض مع مباديء الدولة المدنية
وهذه المادة تم صياغتها والتوقيع عليها مع دستور 1971 وتنص علي ان : الاسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومباديء الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع
وقد ذكرنا ان تركيا اعلنت العلمانية عام 1924 رغم ان دستورها ينص علي ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة - كذلك فان جميع دساتير الدول العربية تقريبا تنص علي نفس صيغة مادتنا الثانية هذه - كما ان بعض الدول الاوروبية بها مواد مشابهة عن المرجعية الدينية فمثلا الدستور الاسباني ينص علي ان راس الدولة يجب ان يكون كاثوليكيا وهو المذهب الرسمي للدولة - والدستور اليوناني ينص علي ان الدين الرسمي للدولة هو المسيحية الارثوزكسية - والدستور الدنماركي والسويدي ينص علي ان الملك يجب ان يكون من اتباع الكنيسة الانجيلية اللوثرية
و كذلك عندما تم صياغة دستور الاتحاد الاوروبي الموحد الموقع عليه عام 2004 بروما نص علي المرجعية الدينية المسيحية لدول الاتحاد رغم انها كلها دول مدنية وبعضها علماني ايضا ولا يوجد بدستورها ما ينص علي تلك المرجعية
ومن هنا نخلص لعدة حقائق :
اولا : ان الابقاء علي المادة الثانية لا يعني اي تعارض مع مباديء الدولة المدنية او مباديء حقوق الانسان او القوانين الدولية ولا ينتقص من حقوق اي طائفة بالمجتمع بل هي فقط تراعي مشاعر الغالبية وتجاملها ولا تستعدي او توقع اي ضرر بطائفة اخري ولن يعود عليها بفائدة جديدة لو تم الغاءها - فعندما تنص المادة علي ان الاسلام دين الدولة هو فقط اقرار بدين الغالبية من السكان تماما مثلما نقول ان ايطاليا دولة مسيحية رغم وجود اقليات دينية اخري بها
ثانيا : عندما تنص المادة علي ان مباديء الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع لا يعني انها المصدر الوحيد للتشريع اي لامانع من الاخذ من مصادر اخري كالدين المسيحي او القوانين الدولية - والشيء الاخر الجدير بالملاحظة ان هناك فارق واضح بين القول مباديء الشريعة الاسلامية والقول احكام الشريعة الاسلامية
ثالثا : وجود هذه المادة ليس معناه اقامة الدولة الدينية والتي لم يعرفها الاسلام قط طوال تاريخة ولم يسعي او يشترط اقامتها وبالتالي لن يتم فرض نمط الحياة الاسلامية علي غير المسلمين بالقوة بل سيظل - كما كان و منذ صحيفة المواطنة بالمدينة المنورة - يعطيهم الحق في تنظيم شئونهم الاجتماعية وممارسة طقوس دينهم بحرية . وهو ما يتضح من نصوص المواد الاخري بالدستور والذي يجب قراءته كجسم واحد وكتلة متماسكة فهناك مواد تشرح وتفسر مواد اخري مما تضع حدودا تمنع التمييز باي صورة من الصور بين المواطنين او تنتقص من حقوق المواطنة - فالمادة 40 مثلا من نفس الدستور تنص علي ان المواطنين لدي القانون سواء وهم متساون في الحقوق والواجبات العامة ولا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس او الاصل او اللغة او الدين او العقيدة - ومما هو جدير بالذكر ان مباديء الانجيل هي التي تطبق في مسائل الاحوال الشخصية للاخوة المسيحين وذلك بنص القانون 462 لسنة 1955
اما ما يقوم به البعض من خلط بين الحق في بناء الكنائس وترميمها او خانة الديانة بالبطاقة الشخصية وغيرها .. فلا دخل للمادة الثانية بها وكلها امور تتبع قوانين اجراءية فرعية ولا يوجد بالدستور ما ينص عليها
رابعا : ان المرجعية الدينية بالدستور هي بمثابة الحماية للجميع من المغالاة والتطرف العلماني الذي قد يؤدي للجور علي حقوق بعض الطوائف او اعاقة ممارستهم لشعائر دينهم او طقوسه
وفي النهاية و من خلال التركيز علي اقامة الدولة الديموقراطية المدنية سناتي بمجالس شعبية منتخبة تمثلنا وبصدق وبالتالي ستخرج علينا بقوانين اجراءية ترضينا جميعا وتحقق طموحاتنا.. فلا خوف في ظل وجود الديموقراطية الحقيقية فمازلت دول عريقة ديموقراطيا تراجع وتطور من دساتيرها وقوانينها بناء علي رغبة وحاجة مواطنيها لتحقيق مزيد من الحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية
نهوض مصر..
المرء ليس محاسبا على ما يقول فقط ، بل هو محاسب على ما لم يقله إذا كان لابد من أن يقوله !
24.4.11
19.4.11
الدولة الديموقراطية - الدولة المدنية - الدولة العلمانية
لا شك ان ما نحتاج اليه حاليا هو حوار مجتمعي حقيقي يشارك فيه كل التيارات الوطنية من اجل الوصول لقناعة جمعية وصيغة توافقية تتحدد من خلالها الهوية الوطنية
وفي هذه المرحلة الانتقالية ظهر علي السطح احداث متسارعة ونقاش حاد بسبب و حول التداخل الصارخ بين العمل الديني الدعوي والعمل السياسي العام حيث تطمح الجماعات الدينية بكافة اطيافها في لعب دور سياسي وطني وهو بلا شك حق للجميع وذلك لصالح المجتمع كله و لحماية الديموقراطية دون تهميش او اقصاء لاي فئة كانت وذلك في اطار قواعد واضحة ومقبولة وبالتالي يحترمها ويتبناها الجميع واولها الاصرار علي اقامة الدولة الديموقراطية المدنية . و وصل الجدل و اللبس حول مفاهيم الدولة المدنية والدولة العلمانية وانقسم الناس وتبني كل قطاع وجهة نظر واخذ في الدفاع عنها باستماته وهذا ليس بالشيء السيء بل هي ارهاصات ستؤدي في النهاية لصياغة الهوية المسقبلية المنشودة وهي دولة مصر الديموقراطية المدنية
فالدولة كنظام سياسي و ببساطة اما ان تكون ديموقراطية او غير ديموقراطية اي مستبدة سلطوية تتبني الديموقراطية شكلا لا مضمونا ومنها الدول الشمولية حيث حكم الحزب الواحد والفرد الواحد . ومنها الدول العائلية حيث العائلة تملك وتحكم وتتوارث كلاهما الملك والحكم . وهناك الدولة المدنية وعكسها الدولة الدينية والدولة العسكرية وفي الاولي يحكم رجال الدين كدولة الكاردينالات في الفاتيكان وهم ممثلو العناية الالهية ويشبهها لحد ما دولة ايات الله في ايران وعكس الدولة المدنية ايضا الدولة العسكرية والتي يصل فيها العسكر للحكم بالانقلابات العسكرية
اما الدولة المدنية هي التي يحكمها المدنيون من خلال دستور واضح وثابت مكتوب او غير مكتوب ولكنها ترتكز علي مبدا حق المواطنة الذي يضمن عدم التمييز بين المواطنين باي صورة من الصور لانهم متساون في الحقوق والواجبات
وما ننشده لمصرنا تلك الدولة المدنية بشرط ان تكون ديموقراطية في الاساس ترتكز علي الانتخاب السري المباشر في كافة نواحي الحياة السياسية وتلتزم بالمباديء الواردة بالمواثيق الدولية وحقوق الانسان وحرية التعبير وتقوم علي الفصل التام بين مؤسساتها السيادية التنفيذية والتشريعية والقضائية والدينية والعسكرية
وهناك دول ديموقراطية ولكنها شبه مدنية كاسرائيل مثلا حيث يوجد بها تدخل قوي للمؤسسة العسكرية وللاحزاب والقوي الدينية في شئون الحياة والسياسة وقد كانت تشبهها كثيرا تركيا حتي عام 2002
اما الدولة العلمانية فهي دولة مدنية وقد تكون ديموقراطية او غير ديموقراطية وهي تتبني الفصل التام بين الدين والحياة العامة حتي في ابسط الامور وهو ما يطلق عليه المغالاة في المدنية وكانت بدايتها التاريخية عند وجود الدولة الدينية في اوروبا في القرن الثامن عشر حيث بدا تمرد الناس علي الكنيسة حيث كان اغلبها دول دينية وهو ما لم نعرفه في تاريخنا الاسلامي ولم نسمع عن الدولة الدينية الا بعد نجاح الثورة الاسلامية الايرانية وان لم تكن دولة دينية تماما بالشكل الاوروبي القديم
ويذكر ان قليل من الدول الذي ينص دستورها علي انها دول علمانية ومنها الولايات المتحدة الامريكية وكندا وفرنسا والاخيرة هي اصرخ مثال علماني و قد عرضها للنقد الدولي اكثر من مرة كما حدث مؤخرا بعد صدور قانون منع الرموز الدينية ومنع النقاب . وكذلك تتفاوت درجة العلمانية من دولة لاخري حتي وان لم يذكر دستورها ذلك باعتبارها صورة من الدولة المدنية كاغلب دول الغرب . وهناك دول لظروف تركيبتها الطائفية المعقدة اختارت العلمانية منهجا كالهند ولبنان ومنها من اختار العلمانية لاسباب ايدولوجية وسياسية كتركيا التي اعلنت العلمانية ابان حكم كمال اتاتورك عام 1924 رغم ان دستورها ينص علي ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة
وللحديث بقية
وفي هذه المرحلة الانتقالية ظهر علي السطح احداث متسارعة ونقاش حاد بسبب و حول التداخل الصارخ بين العمل الديني الدعوي والعمل السياسي العام حيث تطمح الجماعات الدينية بكافة اطيافها في لعب دور سياسي وطني وهو بلا شك حق للجميع وذلك لصالح المجتمع كله و لحماية الديموقراطية دون تهميش او اقصاء لاي فئة كانت وذلك في اطار قواعد واضحة ومقبولة وبالتالي يحترمها ويتبناها الجميع واولها الاصرار علي اقامة الدولة الديموقراطية المدنية . و وصل الجدل و اللبس حول مفاهيم الدولة المدنية والدولة العلمانية وانقسم الناس وتبني كل قطاع وجهة نظر واخذ في الدفاع عنها باستماته وهذا ليس بالشيء السيء بل هي ارهاصات ستؤدي في النهاية لصياغة الهوية المسقبلية المنشودة وهي دولة مصر الديموقراطية المدنية
فالدولة كنظام سياسي و ببساطة اما ان تكون ديموقراطية او غير ديموقراطية اي مستبدة سلطوية تتبني الديموقراطية شكلا لا مضمونا ومنها الدول الشمولية حيث حكم الحزب الواحد والفرد الواحد . ومنها الدول العائلية حيث العائلة تملك وتحكم وتتوارث كلاهما الملك والحكم . وهناك الدولة المدنية وعكسها الدولة الدينية والدولة العسكرية وفي الاولي يحكم رجال الدين كدولة الكاردينالات في الفاتيكان وهم ممثلو العناية الالهية ويشبهها لحد ما دولة ايات الله في ايران وعكس الدولة المدنية ايضا الدولة العسكرية والتي يصل فيها العسكر للحكم بالانقلابات العسكرية
اما الدولة المدنية هي التي يحكمها المدنيون من خلال دستور واضح وثابت مكتوب او غير مكتوب ولكنها ترتكز علي مبدا حق المواطنة الذي يضمن عدم التمييز بين المواطنين باي صورة من الصور لانهم متساون في الحقوق والواجبات
وما ننشده لمصرنا تلك الدولة المدنية بشرط ان تكون ديموقراطية في الاساس ترتكز علي الانتخاب السري المباشر في كافة نواحي الحياة السياسية وتلتزم بالمباديء الواردة بالمواثيق الدولية وحقوق الانسان وحرية التعبير وتقوم علي الفصل التام بين مؤسساتها السيادية التنفيذية والتشريعية والقضائية والدينية والعسكرية
وهناك دول ديموقراطية ولكنها شبه مدنية كاسرائيل مثلا حيث يوجد بها تدخل قوي للمؤسسة العسكرية وللاحزاب والقوي الدينية في شئون الحياة والسياسة وقد كانت تشبهها كثيرا تركيا حتي عام 2002
اما الدولة العلمانية فهي دولة مدنية وقد تكون ديموقراطية او غير ديموقراطية وهي تتبني الفصل التام بين الدين والحياة العامة حتي في ابسط الامور وهو ما يطلق عليه المغالاة في المدنية وكانت بدايتها التاريخية عند وجود الدولة الدينية في اوروبا في القرن الثامن عشر حيث بدا تمرد الناس علي الكنيسة حيث كان اغلبها دول دينية وهو ما لم نعرفه في تاريخنا الاسلامي ولم نسمع عن الدولة الدينية الا بعد نجاح الثورة الاسلامية الايرانية وان لم تكن دولة دينية تماما بالشكل الاوروبي القديم
ويذكر ان قليل من الدول الذي ينص دستورها علي انها دول علمانية ومنها الولايات المتحدة الامريكية وكندا وفرنسا والاخيرة هي اصرخ مثال علماني و قد عرضها للنقد الدولي اكثر من مرة كما حدث مؤخرا بعد صدور قانون منع الرموز الدينية ومنع النقاب . وكذلك تتفاوت درجة العلمانية من دولة لاخري حتي وان لم يذكر دستورها ذلك باعتبارها صورة من الدولة المدنية كاغلب دول الغرب . وهناك دول لظروف تركيبتها الطائفية المعقدة اختارت العلمانية منهجا كالهند ولبنان ومنها من اختار العلمانية لاسباب ايدولوجية وسياسية كتركيا التي اعلنت العلمانية ابان حكم كمال اتاتورك عام 1924 رغم ان دستورها ينص علي ان الاسلام هو الدين الرسمي للدولة
وللحديث بقية
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)